د.اسامة عبدالكريم
واحدة من أهم أسباب توحيد الثقافة في المجتمع أن تتوحد القوانين وهذا ما تتطلع إليه الدول المتحضرة والمتقدمة بل هذا ما تفخر به البلدان المتطورة كحال فرنسا التي لم تزل إلى هذه اللحظة تفخر بقانونها المدني الذي شُرع سنة 1804 ميلادية وإن أجريت عليه تعديلات ولكن فرنسا رفضت رفضا قاطعا إلغائه واستبداله بقانون جديد يحل محله، ومن هنا نجد لزاما أن نعمل جاهدين للدفاع عن قانون الأحوال الشخصية العراقي الذي يعد واحدا من أهم قوانين المنطقة تطورا كما ويعد خطوة متقدمة وناجحة استطاع بها المشرع العراقي أن يثبت أن الفقه الإسلامي باختلاف مدارسه ومذاهبه وما يحتويه من ثروة من المفاهيم والمعلومات يصلح أن يكون مادة خام تسن منها قوانين عدل تستجيب لجميع مطالب الحياة الحديثة فما يضيق به مذهب يتسع له أخر، كما وصور اختلاف المسلمين الفقهي بأنه اختلاف إبداع وسعة علم لا اختلاف دافعه التشتت والتحزب والاستبداد بالرأي. فمن أهم مراحل الرقي التشريعي هو الوصول إلى تشريع واحد يحكم الأمة إذ إن التشريع في الأمة كالأدب فيها كلاهما يعطي صورة عن واقع اجتماعي وحضاري ويعبر عما وصلت إليه الحياة من تطور وادراك، واذا تلمسنا قانون الأحوال الشخصية العراقي نجد أن الشريعة الإسلامية تجلت فيه من خلال مبادئ جمعت بين فقهين عظيمين يدين بهما غالبية أبناء الشعب العراقي وترك تفصيلاتٍ وفروع ٍمرجعها أقوال العلماء المعتبرين من كلا المذهبين واستقر القضاء على ذلك منذ اكثر من ستين عاما، وفي الوقت نفسه لا ننكر أن ثمة تعديلات أقحمت في هذا القانون قررها مجلس قيادة الثورة المحلول شوهت وحرفت وكدرت صفوه ولكنها لم تفقده سمته الغالبة ورونقه العام، ولا تقل دعوات تعديل القانون عن تلك التعديلات التي أفسدت على الناس قانونها، وإلا ما الحكمة من الدعوة إلى شطر قانون الأحوال الشخصية إلى شطرين وما الغاية من فصل أحكام الفقهين العامة التي توحد ولا تفرق تقرب ولا تبعد فمنذ أكثر من ستين عاما والناس في العراق شيعة وسنة متقاربون في فقه أحوالهم الشخصية ويتحاكمون في محكمة واحدة.
د. اسامه عبدالكريم / تدريسي و محامي و مدير القسم العلمي في منصة التدريب القانوني