الشكلية في رفع الدعوى في القانون العراقيالمحامي غسان سعد القيسي المقدمةالدعوى هي وسيلة تحريك القضاء لحماية الحق. لكن لا يكفي أن يكون للمدعي حق مادي، بل يجب أن تلتزم عريضة الدعوى بالمتطلبات الشكلية التي وضعها المشرّع. هذه الشكلية تحقق غايات عدّة: تنظيم عمل القضاء، تمكين الخصوم من الدفاع، وحماية النظام القضائي من الفوضى وتعدد الدعاوى.⸻أولًا: الأساس القانونيقانون المرافعات المدنية العراقي نظّم كيفية تقديم العريضة والبيانات الإلزامية فيها. تمرّ الدعوى عند تقديمها بمرحلة أولية للفحص الشكلي، حيث تتحقق المحكمة من البيانات الأساسية والاختصاص قبل الدخول في جوهر النزاع.⸻ثانيًا: البيانات الشكلية لعريضة الدعوىتتضمن عريضة الدعوى وفق القانون: • اسم المحكمة المختصّة. • اسم المدعي وصفته وعنوانه. • اسم المدعى عليه وصفته وعنوانه إن أمكن. • موضوع الدعوى والطلبات بشكل واضح. • سبب الدعوى والوقائع الأساسية. • الأدلة والمستندات المرفقة. • التوقيع أو الوكالة المصادق عليها إذا قُدمت الدعوى بواسطة محامٍ.⸻ثالثًا: النواقص الشكلية وآثارها • نواقص يمكن تكميلها: مثل نقص مستند أو عنوان غير كامل. تعطي المحكمة مهلة للمدعي لتداركها. • نواقص تؤدي للبطلان: مثل رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة، أو غياب الطلب المحدد، أو ازدواج الدعوى أمام محكمتين.⸻رابعًا: الدفوع الشكليةللمدعى عليه أن يثير دفوعًا شكلية مثل: • الدفع بعدم اختصاص المحكمة. • الدفع بانعدام الخصومة (غياب الصفة أو المصلحة). • الدفع ببطلان الوكالة أو انعدامها. • الدفع بسبق الفصل في النزاع.هذه الدفوع يجب أن تُقدَّم في المراحل الأولى من الدعوى.⸻خامسًا: الشكلية وأثرها على العدالةالشكلية ليست غاية بحد ذاتها، وإنما وسيلة لضمان: • انتظام سير الدعوى. • تمكين الخصوم من الدفاع. • منع إساءة استعمال الحق في التقاضي.لذلك، المشرع يوازن غالبًا بين إعطاء فرصة للتكميل وبين الحكم بالبطلان، حمايةً للحق الموضوعي.⸻سادسًا: أنواع الشكلية في القانونيمكن التمييز بين: 1. الشكلية الموضوعية: تتعلق بالتصرفات القانونية مثل العقود (مثال: تسجيل بيع العقار – م508 مدني عراقي). 2. الشكلية الإجرائية: تتعلق بالإجراءات القضائية مثل عريضة الدعوى أو طرق الطعن.كما يمكن أن تكون الشكلية: • للانعقاد، • للصحة، • للإثبات، • للإعلان والإشهار.⸻نصائح عملية للمحامي الشاب • إعداد قائمة تحقق (Check list) قبل تقديم الدعوى. • التثبت من اختصاص المحكمة (الموضوعي والمكاني). • إرفاق الوكالة والمستندات الجوهرية. • صياغة الطلبات بوضوح ودقة. • الاستعداد لمواجهة أي دفوع شكلية.⸻الخاتمةإن الالتزام بالشكليات في رفع الدعوى يضمن السير السليم للإجراءات ويحمي حقوق الخصوم. والمحامي الواعي هو الذي يتقن هذه التفاصيل، فيقدّم عريضة مكتملة من الناحية الشكلية، ليُمهّد الطريق للوصول إلى جوهر النزاع دون تعطيل أو بطلان.
