آباء كثيرون!

القاضي اياد محسن ضمد

كم أباً لديك؟ سؤال طرحه مقدم البرامج الراحل (عباس حمزة) ضمن برنامج (الطريق) على ضيفه الشاعر (موفق محمد)، فأجاب الشاعر: أنا لديّ آباء كثيرون تعلمت من بعضهم صفات حميدة ومن آخرين لغة جيدة.

 والأب المقصود هنا في حديث مقدم البرنامج والشاعر هو المعلم الذي يعلمك أن تسلك طريقا حسنا فتسلكه، والموجه الذي يضع لك لافتة تدلك على الاتجاه الصحيح في الحياة فتتجه صوبها، سواء كان ذلك الأب والدا في البيت ام معلما في مدرسة ام رجلا حكيما في منطقة تسكنها أو رجل دين يلقي عليك خطبة عن قيم حميدة فتتصف بها… او اي شخص يمتلك عليك تأثيرا ذاتيا يمكنه من خلاله تقديم النصائح والارشادات …الآن وانا اراقب كم الدعاوى في محاكم الأحداث الجانحين والمحاكم المختصة بمكافحة المخدرات والسرقة أتساءل … هل غاب الآباء الموجهون في مجتمعنا.. الاباء الذين يعلمون الشبان ويوجهونهم دون ان تربطهم اي روابط أسرية معهم أم أن الأبناء صموا آذانهم وقطعوا صلتهم بالآباء والمعلمين ولم يعد هناك متسع للأبوة والبنوة وان المجتمع فقد بوصلته نحو اتجاهات الحياة الصحيحة…

القانون أب كذلك… لديه فرضيات تلزمك بتجنب الأفعال التي تمس من خلالها الأموال والأرواح والاوضاع الأمنية لكنه أب ليس رحيما لانه يقرن التوصيات بعقوبات يكون بعضها شديدا وقاسيا من اجل توفير عوامل الردع والزجر … وهذا يقودنا للتساؤل عن دور مؤسسات الدولة في اتباع السياسات الوقائية والاستباقية لمنع جنوح الاحداث.

ومن ثم الزج بهم في المؤسسات الإصلاحية.. فالدولة عليها ان تعزز دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية كالمدرسة والأسرة لان التنشئة الاجتماعية هي التي تشكل شخصية الطفل وتحدد ملامح دوره في المجتمع والتنشئة الاجتماعية في العصر الحديث لم تعد مسؤولية الاسرة فقط بل اضحت مسؤولية الدولة كذلك وكلما اهتمت الدول باداء دورها الأبوي في إرشاد الأحداث وبناء الشخصية الايجابية لديهم كلما انخفضت معدلات الجريمة وقلت النفقات العامة التي تنفقها الدولة في مجال مكافحة الجريمة وادارة المؤسسات الاصلاحية للسجناء لان الوقاية خير من العلاج على الاقل في كون نفقات الوقاية اقل بكثير من نفقات العلاج.

#منصة_التدريب_القانوني

فتح المحادثة
للتواصل معي على الوتساب اضغط على فتح المحادثة